لازالت مجازر الاستعمار تشكل أحد المواضيع الاستراتيجية في تاريخ الأمة الجزائرية، التي لم تحض بالعناية البحثية الكفيلة ببناء معرفة علمية دقيقة عن حيثياتها، خلفياتها وانعكاساتها. فبعيدا عن محاولة اجترار تأريخيه الأحداث واسترجاع ما هو متداول في بعض الدراسات، أصبح مشروع استقراء هذه المجازر الاستعمارية، وفق منهجية علمية متقاطعة بين تخصصات مختلفة والوصول بذلك لتأسيس ملفات تاريخية بشواهدها وقرائنها أمر أكثر من عاجل، للخوض في تجريم الاستعمار، بعيدا عن الخطاب السياسي أو العاطفي الثوري.

فمخبر دراسات وأبحاث حول الاستعمارية، نتصوره لبنة أخرى تضاف إلى جملة الجهود الوطنية التي اختصت في البحث عن كل ما ارتبط بهذه الجرائم الاستعمارية، ميزته المزاوجة بين المقاربة التاريخية والمقاربة القانونية ضمن عمل مشترك يجمع بين مختصين في الدراسات التاريخية وآخرين من ذوي الاختصاص في الجانب القانوني بغية إعداد ملف كامل حول تلك المجازر وتحديد المسؤولية القانونية والأخلاقية للمستعمر الفرنسي. بالإجابة على مختلف التساؤلات دون إقصاء الرؤى المتناقضة أو المتقاطعة، هو حفر في الذاكرة الوطنية من أجل استجلاء الحقائق واستنباط النتائج. هو تقاطع لتخصصات متكاملة تلتقي فيها الرؤية التاريخية بالرؤية القانونية.

كما يشكل مشروع هذا المخبر استثمارا آخر تقترحه وتتبناه جامعة سطيف2، حديثة النشأة، كمشروع ينفتح من جهة على المحيط التاريخي الإقليمي المميز لمنطقة سطيف و هي مجازر 08 ماي1945، ومن جهة أخرى من خلال فتح باب الدراسات الأكاديمية واستقطاب الكفاءات الوطنية المهتمة ومقارنتها بالممارسات الاستعمارية في بلدان العالم، قصد صقل رؤى تاريخية مؤسسة وملفات وقرائن لهذه الممارسات على مستوى إفليمي و دولي.

تعين علينا تقسيم عمل المخبر إلى أربعة فرق بحث تضطلع كل واحدة منها بجزء حيوي وضروري من هذه المهمة.