Theme:الشباب و الانترنيت
Author:Boudhan el Yamin
إن الانترنيت أحدثت ثورة في الاتصال بين البشر ، فخلقت فضاءات ديمقراطية تفاعلية للنقاش و تبادل الآراء ، و أتاحت للأفراد فرصة إقامة العلاقات المباشرة فيما بينهم ، بصورة آنية تفاعلية ، عن طريق البريد الإلكتروني ، كوسيلة للتراسل و تبادل الحوار ، أو عن طريـق منتديـات وحلقـات النقـاش التي تستعرض مواضيـع مختلفة للنقاش و تبادل الآراءوالمواقف ، و يمكن للفرد الاشتراك في النقاش و الإدلاء بموقفه بكل حرية دون حواجز نفسية أو إحساس بأنه مراقب ، فهو غير خاضع لأي ضغوط أو رقابة من أي جهة كانت
فشبكة الانترنيت هي فضاء مفتوح للاتصال و لا تفشي الأسرار الشخصية للمشتركين ، كما يمكن لأي شخص أو جماعة أن يبني له موقعا على الشبكة ليقول ما يشاء ، أو أن ينظم إلى إحدى الجماعات و المجتمعات الافتراضية المتواجدة كثيرا في الشبكة ليناضل من اجل موقف أو قضية معينة، فمثلا يمكن التراسل مع السياسيين والرؤساء عن طريق البريد الإلكتروني ، أو أن يرفه عن نفسه بتحميل الألعاب الالكترونية أو الأفلام أو الاستماع إلى الموسيقى على الخط ، يمكن أيضا إنشاء المدونات الالكترونية و منتديات النقاش وتخصيصها لقضايا معينة ، فيصبح الفرد يملك إمكانية التعبير عن آرائه وقدرة على نشرها وكسب قراء و متابعين ، في حين يتعذر عليه نشرها في الصحافة الكلاسيكية المطبوعة التي تفرض قيودا على النشر ، تمكن الانترنيت روادها أيضا من تحميل الكتب والمقالات والدراسات بغرض التثقيف و التعليم والدخول كذلك إلى مواقع الجامعات والمدارس والمكتبات و مواقع المجلات العامة والمتخصصة .
لقد أصبحت الانترنيت منبرا اتصاليا آخر للفرد للتعبير عن آرائه و توجهاته ، فهي قناة تربط بين الأفراد و السلطات السياسية في عملية الاتصال السياسي ، بحيث تسمح بتدفق المعلومات و الآراء في اتجاهين، " من السلطة السياسية إلى الأفراد ، و من الأفراد السلطة السياسية "، أي بصورة تبادلية تفاعلية ، بمعنى أن عملية الاتصال في هذه الحالة تأخذ صورة الاتصال الشخصي " بين فردين " ، حيث يوجد الاتصال ثم رد الفعل ، على عكس وسائل الإعلام التقليدية " الجرائد ، التلفزيون ، الإذاعة...الخ"، التي تتميز بتدفق الاتصال في اتجاه واحد فقط " الوسيلة الإعلامية إلى الجمهور "، و بالتالي تغيب صفة التفاعلية التبادلية في هذه الحالة ، و تبرز صفة توجيه الاتصال و السيطرة عليه.
يمكن القول حاليا أن نمط المشاركة السياسية ، و مفهوم الديمقراطية و المواطنة و غيرها من المفاهيم ربما سيعاد فيها النظر، و ستكيف وفق المعطيات الحالية ، و يؤكد عالم الاتصال الألماني يورجان هابرماس (JurjanHabermas) أن التكنولوجيا الجديدة للمعلومات سمحت بتحويل المدار العمومي الذي يتم فيه إنتاج و تبادل الحجج حول شؤون المجتمع إلى مدار يتم فيه ممارسة سلطة نقد الدولة ، هذا المدار الذي كان مراقبا من طرف السلطة سابقا ، و بالتالي ظهر فضاء آخر لممارسة النقاش حول الشؤون الجماعية هو ما يسميه بالفضاء العمومي ، و هو بالنسبة له المجال المفتوح لكل المواطنين من اجل بلورة رأي عمومي ، هذا الفضاء إذن سيغير من شكل المشاركة السياسية للأفراد ، فمثلا يمكن أن يزول الاقتراع التقليدي الذي يستلزم بذل أموال طائلة للقيام بالحملات الانتخابية و طبع استمارات الاقتراع و كذا توفير الجو المناسب لإجراء الاقتراع ، و في المقابل من ذلك يمكن توفير كل ذلك بإجراء اقتراع إلكتروني أو عمليات سبر الآراء الإلكترونية عبر شبكة الانترنيت ، إذ يمكن القيام بحملة انتخابية عبر الشبكة و شرح البرامج الانتخابية للمترشحين، إضافة إلى تبادل النقاش و الحوار مع المنتخبين، في ظرف آني و على المباشر .إن مجالات استخدام الانترنيت وتأثيراتها تتعدى المجال السياسي الذي ذكرناه سابقا كمثال على طبيعة المجتمعات الجديدة المبنية على أساس تكنولوجيات الاتصال إلى مجالات أخرى كالمجال الاقتصادي ، الاجتماعي، العلمي ، الترفيهي و التثقيفي ....الخ، سنحاول في الجزء الموالي من الدراسة الإشارة إلى تطور تقنية الانترنيت كفضاء مستحدث للاتصال ، ثم سنشير إلى المجالات أو الفضاءات الاتصالية والإعلامية التي تستخدم فيها الانترنيت ، ولن نركز كثيرا على الجوانب الأخرى ( كالاستخدامات التجارية والاقتصادية ، العلمية ، الاجتماعية ...الخ) ، لأن ما يعنينا و يهمنا في هذه الدراسة هو الجوانب النفسية الاتصالية للانترنيت ، أي سنركز على هذه المقاربة لتبيين مدى تأثيراتها في اتجاهات الشباب ومعارفهم وسلوكياتهم .وقد أجرينا دراسة ميدانية على عينة من الشباب الجزائري ،ويبلغ العدد الكلي للمبحوثين 400 شاب ، حيث تم تشكيل العينة بطريقة عشوائية . و بعد ذلك قمنا بتوظيف أداتي الاستمارة والمقابلة كأداتين بحثيتين أساسيتين ، بغرض التعرف على مستويات تأثير مضامين شبكة الانترنيت على الشباب الجزائري.
ثم دعمنا تحليل بيانات الاستبيان بالاستشهاد بتعليقات عدد من الشباب الذين أجرى الباحث معهم مقابلات شخصية ، أو من خلال توظيف بعض مواقع الدردشة الالكترونية ومواقع المنتديات لإجراء حوارات مباشرة تفاعلية مع بعضهم بغية التعرف على اتجاهاتهم وآرائهم اتجاه مواقع الانترنيت ، وإفادتنا هذه الآلية البحثية بأنها مكنتنا بكل فعالية من معرفة آراء الشباب بصراحة ودون خجل أو خوف ، عكس الاستبيان ، إذ قد يتحاشون الرد أو الإجابة عن الأسئلة الواردة فيه ، و ربما يرون أنها تحرجهم وتكشف عن بعض خصوصياتهم ، لهذا السبب استندنا على المقابلات و الملاحظة لتعزيز نتائج الدراسة.
مقدمــــــة
I- توصيف مفهومي التأثير و الشباب
- التأثير لغة واصطلاحا
- " الشباب " مميزاتهم وخصائصهم النفسية والاجتماعية
II- الانترنيت كفضاء اتصالي للشباب: تطورها ومميزاتها
- النسق المفاهيمي لشبكة الانترنيت
1- مفهومــها
2- نشــأتها وتطـورها
III- المنظومة الاتصالية لشبكـة الإنترنيـت
1- نظام اتصال البريد الالكتروني
2-منتديـات النقــاش أو الموائد المستديرة
3-المدونـات و ميلاد ظاهرة المواطن الصحفي
4-الدردشة كفضاء مفتوح للتواصل
IV- التأثيرات الايجابية والسلبية للانترنيت
1- تأثيراتها على اتجاهات الشباب
أ- إشباع الحاجات الاندماجية والوجدانية
ب- تعزيز العلاقات بين الشباب اجتماعيا
ت- فرصة لبناء الهوية الافتراضية
ث-خلـق المؤانســة الاجتماعيـــة
ح-الوهم الافتراضي و العيش بين الحقيقة والخيال
ج- تحليل تأثيرات شبكة الانترنيت على اتجاهات عينة الشباب المدروس
2- تأثيرات الانترنيت المعرفية على الشباب
أ-الانترنيت وعملية بناء المعرفة
ب-استخدام البريد الالكتروني لأغراض معرفية
ت-استخدامات مجموعات الأخبار
ث-استخدام برامج المحادثة
ج -استخدام تقنية RSS
ح -تحليل تأثيرات شبكة الانترنيت على معارف عينة الشباب المدروس
3-التأثيرات السلوكية للانترنيت على الشباب
أ- إشكالية الهوية و حدود التواصل الاجتماعي
ب-تحليل الانحرافات السلوكية على الانترنيت
ت-الجوانب النفسية الادمانية لمواقع الانترنيت
ث-إشكالية التعرض لمضامين العنف
ج- تحليل تأثيرات شبكة الانترنيت على سلوكيات عينة الشباب المدروس
- الاستنتاجات العامة
- الخاتمــة
.....